بعد عدة زيارات ميدانية لمحل عمل مشروع رحلة تطوير المدارس الحكومية في محافظتي بني سويف وسوهاج قررنا نبدأ في توثيق ونشر قصص المشاركين في المشروع من المدراس على مختلف الفئات (معلم، أخصائي، مدير أو وكيل) وده حصل بعد ما حسينا ان في حاجات بتحصل تستحق النشر، وفي فعلاً مدارس كاملة بتتغير، وفي معلمين بقوا أفضل داخل الفصل، وفي نسب أكبر للحضور بين الطلبة. التغيير شكله في الطريق، والحلم شكله بيتحقق...

معانا قصة الأستاذة حنان مُعلم خبير للصفوف الأولى وهي احدى المشاركات في المشروع من بدايته وبقالها 31 سنة بتشتغل في التعليم

تحكي قصتها فتقول:

"أنا بدأت رحلتي في التنمية المهنية مع علمني من سنتين، استفدت فيهم من التدريبات المقدمة للمعلمين بالمدرسة، وكنت مهتمة من اللحظة الأولى أني أطور أدائي داخل الفصل، وكمان كنت بحاول استثمر المعرفة من التدريبات في حياتي الشخصية.

اتعودت أني كل يوم بعد رجوعي من المدرسة بجهز الغداء لأولادي، وبعد كده بأمارس دوري كأم، حيث انجاز المهام المنزلية الروتينية، بس كنت معظم الوقت  بأواجه أفعال أولادي بالغضب بسب الضغوط اليومية اللي بشوفها في المدرسة، لأني ببدأ يومي من طابور الصباح وبعد كده بشوف الحصص اللي ورايا، وبعد المدرسة دوري بيتحول من معلمة إلى أم مطلوب منها واجبات تجاه بيتها وأولادها، اليوم بتاعي العادي بيبقى حوالي 14 ساعة متقسمين بين الشغل في المدرسة والشغل في البيت!

"فاكره يوم من الأيام بعد ما رجعت من المدرسة، حد من ابنائي قالي على ملاحظة مكنتش واخده بالي منها، قالي بصيغة سؤال:

مش حاسة أنك اتغيرتي؟، مفهمتش ساعتها هو يقصد ايه ف طلبت منه يوضح لي

اللي اكتشفته بعد كده وبعد ما فكرت في سؤاله أني فعلا بقيت أحسن.

يمكن اكتر حاجة لاحظت فيها تغيير اني بقيت أكثر وعيًا بنفسي ومشاعري، وده كان بعد شهر بس من حضوري لتدريب الاحتياجات النفسية للمعلمين اللي كان في السنة الأولى للبرنامج. التدريب ده كان محور الحديث فيه "المعلم الإنسان".

وان قبل ما نطلب من المعلم أنه يطور مهاراته ويبدع في شغله، لازم الأول نفكره بنفسه وبدوره واهميته، نفكره انه إنسان!

إنسان له مشاعر وأفكار وسلوكيات، إنسان من حقه يغضب، يفرح، يعبر عن مشاعره، يعبر عما يحتاجه ويطلب المساعدة."

خلال برنامج رحلة تطوير المدارس الحكومية اللي بدأ من 3 سنين، وخلال فترة جائحة كورونا استفدت من التدريبات اللي في البرنامج اللي خلتني عرفت اتأقلم مع الظروف الطارئة، واتعلمت ازاي أطور مهاراتي في التكيف مع التغيرات، وازاي نسدد الاحتياجات المهنية من خلال اي موارد خارجية، وازاي أقوم بدمج الموارد المتاحة واستغلالها عشان نحقق هدف تعليمي أو تربوي.

بالمناسبة افتكرت موقف كده هحكيه:

في يوم دراسي عادي، قولت الطلبة بعد آخر حصة ليهم انهم يجيبوا معاهم بكره أي لعبة بيحبوها، يجيبوها للمدرسة ايوه، كان في خمسة طلاب، الطلاب دول أقل مستوى دراسي من زمايلهم، وكنت محتاجة فكرة جديدة عشان ارجعهم لمستواهم، لأني لاحظت أنه احتمال يكون بعضهم يعاني من اضطرابات نفسية او عقلية مسببه مشكلة في نموهم الدراسي.

تاني يوم في معاد الحصة دخلت الفصل وجبت معايا انا كمان بالطو أبيض طويل ولبسته، وقولت لهم أني النهارده اسمي الدكتورة حنان وأنا جاية لكم النهادره عشان أعالج اللعب بتاعتهم

طلبت من أحد الطلاب أنه يمثل دور المساعد الخاص بيا كأنه الممرض بتاع العيادة ويدخلي المرضى حسب الدور.

جت أول طالبة بعروستها، سألتها مالك يا عروسة؟

قالت (على لسان صاحبة العروسة): انها مش بتعرف تلعب مع زمايلها في الفصل، لأنها بتحس انها مكسوفة ولأن زمايلها بيقعدوا يتريقوا عليها، لأنها مش بتعرف تتكلم او تلعب زيهم.

وجه الدور على المريض التاني، دخل طالب ومعاه جمل خشب صغير مكسور منه أجزاء صغيرة، سألته عنده ايه الجمل ده وبيشتكي من ايه؟

قالي أن الجمل علطول ساكت، ومش بيلعب وان صاحبه بيضربه لما يلعب ويعمل صوت.

وطلبة تانيه كان معاهم لعبهم وكانوا بيعبروا عن نفسهم كل حد على لسان لعبته.

كان واضح بالنسبة لي على الطلبة من المسرحية أن سبب ضعف مستواهم ده نفسي ومش عقلي، هما محتاجين حد يفهمهم ويحتويهم، وبحاجة لتدخل أخصائي الاجتماعي ومتابعة من الاهل في البيت. سواء العروسة الانطوائية او الجمل اللي بيتعرض لأذى في البيت.

قولت للأخصائي الاجتماعي بالمدرسة، ووصيت باللي ضميري حس بيه حسب اللي شوفته وكمان قولت لباقي معلمي المواد على حالتهم عشان يعاملوهم بصورة خاصة في حصصهم ويراقبوهم كويس

اللي عملته مع الطلبة ده كانت عبارة عن مسرحية، بس مسرحية عظيمة من وجهة نظري تستحق عرضها على مسرح كبير هما هيبقوا أبطالها، وانا بالفعل حسيت اني عملت حاجة مختلفة تستحق العرض، لأني مش بس طبقت اللي اتعلمته من التدريبات لكن عشان انا حاسة اني قمت بدوري كمعلمة، وكمان بدوري كأم.

 برنامج رحلة تطوير المدارس الحكومية كان السبب في مساعدة خمسة طلبة على أن يتعلموا في بيئة أفضل، وكمان ساهم أيضًا وبشكل كبير في أنه يضمن استمرارية منح نفس الفرصة لطلبة آخرين بره الدايرة، مش بس في نفس المدرسة ونفس المعلمة.

ممكن تعرف اكتر عن المشروع من هنا