"إيه ده… مالها بتتحرك كتير كدة ليه؟!"

"ماله لازق فيكوا كدة ليه؟"

"اهدي و اقعدي شوية…"

"أول مرة أشوفه بيضحك"

"دي مش بتركز خالص"

"هو على طول بيعيط كدة؟"

"دي عندية جداً"

"يا حرام، ده غلبان خالص."

"جوجو أحسن منك عشان مش بتعمل شقاوة."

دي شوية من التعليقات اللذيذة اللي بسمعها على ولادي بشكل مستمر، و كمان قدامهم! زمان، قبل ما يبقى عندي أولاد، كنت دايما بتشد للأطفال الشقية، لحد لما خلفت و ربنا رزقني ببنوتة فرفوشة و إجتماعية و بتستمد قوتها من اللي حوليها. و بعدها بسنة و نص خلفت ولد هادي و بيحب و بيستمتع إنه يعيش جوة البلونة بتاعته وبيستمد قوته من نفسه. و أخدت بالي إني كل لما أروح مكان، أول حد باتسئل عليه هي بنتي و ساعات كتير محدش بيعبر ابني!

و ده خلاني انتبه لفكرة قولبة الأطفال و إزاي ممكن تفضيلاتنا الشخصية، اللي بتظهر في شكل تعليقات و انتقادات و تعاملات، تؤذيهم و تأثر على تميزهم. 

و عشان كدة ابتديت أقرأ وأبحث في أنماط وطباع الشخصيات، و أفهم ليه ممكن نواجه سهولة أو صعوبة في التعامل مع شخصية معينة، وأستوعب إن كل بني آدم نظرته للأمور وتفاعله مع العالم المحيط به بتختلف. 

فلو في بداية طريق أولادنا كبتنا وقعدنا نصحح طباعهم بشكل مستمر، هنغذي عندهم عدم ثقة بالنفس و هنحتاج وقت طويل أوي عشان نعالج ده. فبالتالي، كل ما زاد إدراكنا إن كل إنسان مختلف عن التاني، و إن نقاط قوة وضعف أطفالنا وارد جداً إنها تختلف عننا، هنقدر نربيهم بشكل أفضل.

طيب، يعني إيه طبع؟

الطبع هي سمات الشخصية و رد فعلها للمواقف الحياتية اليومية.

مركز الأسس الاجتماعية والعاطفية للتعلم المبكر صنف طباع الأطفال لتلات أنواع، هي: 

الأطفال المرنة: و دي أطفال بيغلب عليها السعادة والتكيُف والهدوء، و مش بينزعجوا ولا بيتعصبوا بسهولة، وبتكون عادات النوم والأكل عندهم منتظمة. 

الأطفال النشيطة أو المشاكسة: عادة ما بتكون الأطفال دي صعبة الطباع ونومها وأكلها غير منتظمين وبتقلق من المواقف والأشخاص الجديدة. ممكن كمان الصوت العالي يزعجها، و بتبقى ردود أفعالهم حادة. 

الأطفال البطيئة أو الرقيقة أو الحذرة: الأطفال دي بيكون نشاطها أقل أو بتحتاج لعناية أكتر، وساعات بتنسحب من المواقف الجديدة أو بتتعامل معاها بسلبية. و مع الوقت ممكن يبقوا أكثر إيجابية في التعامل مع الناس والمواقف الجديدة لو اتعرضوا لها باستمرار و بشكل صحيح.

و هنا بييجي دورنا كمربيين، كل ما بيقل اهتمامنا ووعينا بطباع ولادنا، كل ما بنطَلع أطفال مش مستريحة في شخصياتها اللي بتتعامل بطباع مش بتاعتها من الأساس. وكل ما زاد إدراكنا، كل ما قدرنا نوظف طباعهم للتعامل والتكيف مع الحياة.

أيوة، يعني إزاي أعمل كدة؟

أولاً، محتاج تحدد طباع ولادك. و ده ممكن يحصل من خلال الملاحظة: هل بيبقوا مبسوطين و متحمسين لما يقابلوا ناس جديدة و يتعرضوا لمواقف جديدة، ولا بيفضلوا يبقوا جنب أهلهم شوية لحد ما ياخدوا على الناس والمكان؟ هل بيحسوا بالسعادة أو الغضب المفرط حسب الموقف، ولا بيبقوا عادةً هاديين و رايقين؟ الملاحظة دي هتساعدك تفهم أكتر طباع ولادك. 

ثانياً، محتاج تفهم طبعك عشان تعرف تتقبل ولادك و تتفهمهم و تستوعبهم، بدل ما تصرفاتهم اللي مش بتتماشى مع طباعك تضايقك و تعصبك. فالمرة اللي جاية، بدل ما ابنك/بنتك الانطوائي يتفاجئ إنه في تجمع كبير ويبتدي ينكد عليك و محدش فيكوا يستمتع، ممكن تمهدله قبلها بفترة هو رايح فين و هيشوف مين و هتعملوا إيه و هتقعدوا قد إيه.     

ثالثاً، حاول تفصل احتياجك الشخصي عن إحتياجات أولادك. يعني مش عشان إنت مثلاً مش بتحب الأنشطة الجماعية، يبقى تعتقد إن احتياج ابنك هو أنشطة فردية. الفصل ده بيساعد إننا نشوف ولادنا كأفراد منفصلة عننا و بيربي عندهم الاعتماد على النفس. 

أخيراً، محتاج تفهم إن الطبع مش سمة ثابتة. يعني مثلاً لو ابنك/بنتك سريع الغضب هتسيبه كدة يتعصب و يزعق و يكسر؟ أكيد لأ، محتاج تساعده يكتسب مهارات تنظيم الذات. ولو إنطوائي، هيكون محتاج يكتسب مهارات اجتماعية تساعده على التعايش مع المجتمع اللي بيحتك به، و هكذا.    

حاول تحذف من قاموسك كلمات زي “إنت خجول كدة ليه!”،  “بطل عند”، “ابني ده مجنني! متهور جداً”، “فكر يا ابني الأول”. ما هو لو بيعرف يعمل حاجة غير الخجل ولا العند ولا التهور، كان عملها من الأول. وظيفتك إنك تنمي شخصية ولادك، مش تقولبها.

أنميها إزاي؟

طيب، خلينا نطَلع من الطباع اللي ذكرناها في الأول كذا نمط للشخصية ونشوف ممكن نشجعه إزاي. 

يعني مثلاً النمط المحب للمرح واللعب، اللي عادة بيتعلم عليهم إنهم “أشقية” و “قلالات الأدب” و “عشوائيين”. النوع ده ممكن أشجعه من خلال:

  • تشجيع أفكاره و إنه يشاركها مع غيره.
  • تقبُل تقلبه الكتير، و نشوفه على إنه استكشاف للمناسب له.
  • اللعب معاه، بطريقته.
  • شكره على السعادة والطاقة الإيجابية اللي بيضيفها للبيت.
  • انك تقوله كلمات زي "حلوة أوي الفكرة دي، يلا نجربها."
  • تغيير نبرة صوتك في الكلام معاه. اتكلم معاه بحماس.

طبعاً الكلام ده ما ياكلش مع النوع الحساس، اللي بيتقال عليه “ممل” و “مش إجتماعي” و “عنده مشاكل”. النوع ده محتاج إنك:

  • تحسسه بالأمان و إنك على طول فى ظهره.
  • تعرفه إيه هي خطة اليوم لو فيها حاجات مش هيستريح فيها.
  • ماتجبرهوش إنه يبقى إجتماعي. إديه وقته و مساحته من غير انتقاد.

طيب حبايب قلبنا بقى العنديين، اللي بيتقال لهم علطول جمل من نوعية “إنت دماغك حجر” و “هكسرلك دماغك” و “مش هتعمل غير اللي أقول عليه.” النوع ده بقى تعامله إزاي؟

  • اديه إختيارات.
  • متشخصنش الموضوع. هي مش خناقة وهنشوف مين هيكسب فيها.
  • شجعه عشان يوصل لهدفه.
  • بدل ما تنتقد فكرته وتقول له “انت شايف إن دي فكرة حلوة؟” عشان في الأغلب هيحرجك و يقولك “آه”، عرَفه إنك متحمس لاختياره و إنك موجود للمساعدة و ممكن ساعتها تفتح معاه أفكار جديدة. 

و آخر نوع هو النوع الجد، اللي بنقول عليهم “نكديين” و “مش مرنين” و “بيطَلعوا القطط الفاطسة في كل حاجة”. النوع ده حاول:

  • تكلمه بالمنطق أكتر من العواطف.
  • تحترم أفكاره وآرائه.
  • تاخد رأيه في مشاكل وحلها.

من الآخر يعني، اعرف ابنك من غير ما تعلم عليه! اعرفه عشان يبقى أحسن وانت كمان تبقى أهدى. عامله كفرد له كيانه، مش كشخص ليك سلطة عليه. اهمس في ودنه صفات حلوة فيه. فكر دايماً قبل ما تفرض عليه حاجة، وفكر هتحس بإيه لو اتعمل فيك زيه.

من أكتر الكلمات اللي بتأثر في ودايماً بترجعني عن عصبيتي مع أولادي، هي كلمات  جبران خليل جبران في كتابه (النبي): "إن أولادكم ليسوا أولادًا لكم. إنهم أبناء وبنات الحياة المشتاقة إلى نفسها، بكم يأتون إلى العالم ولكن ليس منكم. ومع أنهم يعيشون معكم فهم ليسوا ملكًا لكم. أنتم تستطيعون أن تمنحوهم محبتكم، ولكنكم لا تقدرون أن تغرسوا فيهم بذور أفكاركم، لأن لهم أفكاراً خاصة بهم. وفي طاقتكم أن تصنعوا المساكن لأجسادهم. ولكن نفوسهم لا تقطن في مساكنكم. فهي تقطن في مسكن الغد، الذي لا تستطيعون أن تزوروه ولا في أحلامكم. ولكنكم عبثاً تحاولون أن تجعلوهم مثلكم. لأن الحياة لا ترجع إلى الوراء، ولا تلذ لها الإقامة في منزل الأمس. أنتم الأقواس وأولادكم سهام حية قد رمت بها الحياة عن أقواسكم. فإن رامي السهام ينظر العلامة المنصوبة على طريق اللانهاية، فيلويكم بقدرته لكي تكون سهامه سريعة بعيدة المدى. لذلك فليكن التواؤكم بين يدي رامي السهام الحكيم لأجل المسرّة والغبطة. لأنه كما يحب السهم الذي يطير من قوسه، هكذا يحب القوس التي تثبت بين يديه."

ماهيتاب الأعصر

ماهيتاب الأعصر، مسؤولة أقسام بناء الشخصية بالمدارس في أكاديمية يوتوبيا. بدأت العمل في هذا المجال منذ عام 2008 كمتطوعة، و أثناء عملها اكتشفت أن مجال التطوير هو شغفها. مما جعلها تترك عملها كمترجمة لتتفرغ لمجال بناء الشخصية. عملت ماهيتاب مع جميع المراحل العمرية مباشرة (من مرحلة الطفولة المبكرة، حتى مرحلة المراهقة)، مما جعلها متخصصة في تطوير المناهج المختلفة، و كذلك إعداد وتطوير  وإدارة فرق العمل المختلفة بالأكاديمية. و خلال رحلتها، قررت إضافة الجزء النظري لخبرتها العملية في هذا المجال، فهي حالياً تقوم بدراسة ثلاث شهادات: Character Education Development Certificate من جامعة سان دييجو- كلية التعليم المستمر، و Professional Educator Diploma in Teaching Adolescent Learners من الجامعة الأمريكية بالقاهرة- كلية التعليم المستمر، و Coaching Certificate من Institute of Counselling. و تحلم ماهيتاب أن تقوم بعمل منتجات تعليمية هادفة للأطفال وعمل دراسات عليا في مجال علم النفس التربوي و إقامة مدرسة بفكر ومنهج مختلف.