إذا نظرنا إلى واقعنا التعليمي، نرى أن المدرس يعاني الكثير من المشكلات النفسية والاجتماعية ، فلم تعد هذه المهنة من المهن الجاذبة للشباب كما كان من قبل، حيث أن العائد المادي للمدرس قليل جداً مقارنةً ببعض المهن الأخرى.

كما أن هناك قلة قليلة من المعلمين أساءت إلى هذه المهنة من خلال بعض التصرفات الخاطئة التي جعلت البعض يحكم على المهنة والمعلمين جميعهم بالسوء، ومن جانبها، ساهمت وسائل الإعلام في نشر النماذج السلبية من أصحاب هذه المهنة السامية ولم تسلط الضوء على النماذج المضيئة مما ساعد على ترسيخ هذه الصورة السلبية عن المعلمين.

وهذا بالإضافة إلى تحديات المهنة، من كثافة الفصول الزائدة، وعجز الإمكانيات المادية والأدوات التكنولوجية داخل الكثير من المدارس، ونقص التنمية المهنية المستدامة  للمعلمين، وعدم مشاركتهم في صنع القرار.

كل ماسبق جعل المعلم يشعر بالغربة والاغتراب عن مهنته، وبالعجز وضعف السيطرة على مجريات الأمور، وأصبح يعاني من اللامعيارية وانعدام العدالة والغربة عن الذات وعن الآخرين، وعدم الرضا والتوافق المهني. وانعكست هذه المشاعر على صحته الجسمانية، فصار يعاني من أمراض كثيرة كالقلب وضغط الدم والسكري وغيرها من الأمراض المزمنة.

وإذا استعرضنا تعريف الصحة النفسية كما عرفته منظمة الصحة العالميّة، نرى أنها: –

"مدى قدرة الأفراد على تحقيق الرفاهيّة من خلال الإدراك للقدرات التي يمتلكونها في التعامل مع ما يحيط بهم من ضغوطات. كما يمكن وصفها بأنها حالة الاتزان والاعتدال التي تصل إليها نفسيّة الفرد إثر تمتعه بمستوى عالٍ من الثبات الانفعالي، ويظهر أثر ذلك بما يشعر به من طمأنينة ورضا عن النفس."

ومن مظاهر اعتلال الصحة النفسية:
  • قلة أو كثرة النوم
  • فقدان أو زيادة الشهية للطعام
  • الفتور واللامبالاة
  • ضعف الانتباه والتركيز
  • فقدان الهمة والنشاط
  • تغير وتقلب الحالة المزاجية
  • اضطراب الحياة الاجتماعي
  • سرعة الغضب والاستثارة
  • التركيز على المواقف والأشياء السلبية والذكريات المؤلمة
  • الشعور بالإحباط والفشل 

عزيزي المعلم، أعلم مقدار ماتعانيه من المظاهر السابقة، وأشعر برغبة ملحة فى مد يد العون لمساعدتك، فليس هناك فائدة من وضع المشكلات وطرحها دون إيجاد حلول لها، فالمعلم الذي يقف أمام هذا العدد الكبير من الطلاب يديرهم بما يمتلكه من مهارات وقدرات لديه القدرة أيضاً على التغلب على ما يعانيه من مشكلات وعقبات تعترض نجاحه وتميزه المهني والشخصي. 

سوف أقدم لك، من خلال سلسة من المقالات، مفاتيح النجاح ومفاتيح الصحة النفسية.

حديثي سيكون عنك ولك إيماناً مني بوجوب منح السعادة لأنفسنا لكي نستطيع أن نمنحها للآخرين. 

سوف نتعلم سوياً كيف نكتشف أنفسنا، وكيف نجيد التواصل مع الآخر، وكيف ندير انفعالاتنا، وكيف نفكر بطريقة صحيحة، ونتخلص من أخطاء التفكير، وقد نحتاج أيضا إلى تعلم بعض الممارسات والاستراتيجيات الجديدة التي يمكن أن نستخدمها مع طلابنا  حتى نخلق بيئة آمنة للتعلم ونصل بأنفسنا الى أعتاب الصحة النفسية، ونحقق التواصل الفعال مع الطلاب داخل مدارسنا.

انتظروا قريبا سلسلة مقالات “عزيزي المعلم، صحتك النفسية تهمنا.”

عزة محمد سليمان

أستاذة عزة هي استشارى أسرى وتربوي حاصلة على ماجيستير في الصحة النفسية وهي مدربة معتمدة من كل من الأكاديمية المهنية للمعلمين وجامعة القاهرة واتحاد المعلمين العرب ومن الأكاديمية الدولية للتدريب، قامت بإعداد وتنفيذ العديد من الدورات التدريبية للمعلمين والأخصائيين النفسيين وأولياء الأمور فى العديد من محافظات الجمهورية وشاركت فى إعداد دليل الأخصائي النفسي المساعد بالأكاديمية المهنية كما شاركت في إعداد دليل أنا كبرت للأخلاق والمواطنة، وبدأت مبادرتي "تعالوا نربي صح" و "تعالوا نصحح ألعابنا" بمدارس القاهرة.