كلنا عارفين إن لعب الرياضة مفيد لصحة ولادنا النفسية والعقلية والجسدية، ومعظم الآباء بيهتموا بإن أولادهم يتمرنوا ألعاب رياضية من وهم صغيرين، ولكن بالرغم من اهتمامانا الشديد بالرياضة، بنلاقي كتير من أطفالنا بيزهقوا منها ويكرهوها ومش بنبقى قادرين نعرف إيه الأسباب بالظبط وإزاي نحاول نحببهم فيها. قبل مانتكلم في الحلول، خلينا نمسك الخيط من أوله.

أولاً:  إيه الهدف من انتظام أولادنا في الرياضة؟

محتاجين نوضح أهدافنا وأولوياتنا، ونرجع نفتكر إحنا عايزينهم يلعبوا رياضة ليه علشان نقدر نحدد الكم اللي هيمارسوه منها.

بعض الأبحاث الحديثة بتنصح إن الطفل محتاج يمارس  نشاط حركي واضح، (زي الجري، أو لعب الكرة، أو الرقص،أو السباحة) في حدود ساعة في اليوم، وحسب دراسة اتعملت على ٢٠٧ طفل واتنشرت في The Journal of Pediatric Psychology، حركة الأطفال في حدود ٤٠ دقيقة في اليوم بشكل فيه تفاعل، ليها علاقة إيجابية بحالتهم النفسية وبتزود ثقتهم بنفسهم.

الرياضة كمان بتخلي الطفل يمر بمواقف صعبة وتحديات زي الهزيمة والخلافات والإحباطات، وده يعتبر تدريب ليه على التعامل مع صعوبات الحياة، خاصة لو كنا جنبه وبنوجهه صح. وده طبعاً بالإضافة لأن الرياضة بتؤثر إيجابياً على الصحة العامة و القدرات الذهنية والمهارات الاجتماعية و خاصة في الألعاب الجماعية.

والمقصود هنا مش بالضرورة يكون التمرين بشكل منظم، يعني لو في فرصة إن الرياضة دي تكون من العادات اليومية للطفل أو الأسرة فده يمكن يكون أفضل، خاصة في السن الصغير، بس لو ده غير متاح أو مش هنعرف ننتظم عليه، فساعتها الالتزام بتدريب هيكون أفضل.

ثانياً: نيجي لتحدي التدريبات وأسباب رفض الأطفال لها بعد فترة:

معظم الآباء اللي بشتغل معاهم بيشتكوا إن ولادهم بيزهقوا من الرياضة وبيقرروا يبطلوا يروحوا التمرين لما بيوصلوا لسن المراهقة وساعات قبل كده، وده بيبقى محبط جدا للأهل اللي بيكونوا استثمروا وقت ومجهود ومصاريف في الرياضة، ولكن قبل ما نعالج المشكلة لازم نكون عارفين أسبابها الأول.

المتخصصين في علم النفس الرياضي بيحذروا من الآتي وبيقولوا إنها من أشهر الأسباب اللي بتؤدي للزهق وتبطيل الرياضة، اقروها وشوفوا لو واحد منهم أو أكتر بينطبق على بنتكم أو ابنكم :

انعدام الاستمتاع:

قدرة الطفل على الاستفادة والتعلم بتكون أعلى لو مستمتع باللي بيعمله، ومع الأسف، في أوقات كتير الرياضة تحولت من متعة وحماس وإثارة لمسئولية تانية جانب المذاكرة محتاج الطفل يتفوق فيها ويرضي الأهل والمدرب.

الضغط النفسي:

الرياضة بقت أحياناً بتتحول من فرصة لتنمية روح المغامرة وقبول الصعوبات والتحديات وتعلم الروح الرياضية، لمساحة للنقد الدائم وعدم السماح بالخطأ، وده بيحصل من جانب الأهل أو المدرب من غير قصد بسبب وضع التركيز بالكامل على الفوز والنتايج، وبسبب بدء المنافسة الشديدة من سن صغير لسه الطفل غير مؤهل إنه يتعامل معاها بشكل إيجابي ويستفيد منها.

الحلم مش حلمهم:

جزء من الحمل اللي بيكون على الطفل هو توقعات الأهل، سواء قادر يحققها أو لأ. دايما نسأل نفسنا التوقعات بتاعتنا مناسبة للمرحلة العمرية ولشخصية ابني أو بنتي ولا لأ. كتير باسمع جمل من أولياء الأمور زي “أنا حلمي إنها تكون بطلة عالم” ودايماً بحب أفكرهم إن ده حلمهم هما مش شرط يكون حلم الطفل. في أطفال هتتفوق في الرياضة وتحب تخليها جزء أساسي من حياتها ويمكن شغلها في المستقبل، لكن مش كل الأطفال هتتفوق في الرياضة وتحقق بطولات، ودورنا نساعدهم يكتشفوا اهتماماتهم ونمكنهم يحققوا حلمهم أياً كان.

الالتزام غير مناسب للمرحلة العمرية والاحتياجات النفسية:

لما أم بتيجي تقوللي إنها مجهدة جدا من التدريبات ومش لاحقة تعمل حاجة في حياتها من كتر ما التمارين واخدة كل وقتهم، بحب أفكرها إن لو الموضوع صعب وكتير عليها، يبقى أكيد صعب وكتير على الأولاد. وبفكرها تسأل نفسها الأسئلة دي:

عندهم وقت فاضي حر في معظم الأيام يلعبوا؟

مستمتعين في معظم الأيام وهما رايحين التمرين؟

بتلحقوا تقضوا وقت كافي مع بعض؟

هل الضغط ده مأثر على مزاجك انت وشادد أعصابك؟

بناءاً على إجابات الأسئلة دي ممكن نكتشف إن في حاجة في نظام  أو أسلوب الحياة الرياضية محتاجة تتغير.

عدم شعورهم بالاحترام:

شيء محزن إنه مقبول في نوادي ومدارس رياضية كتير إستخدام أساليب غير لائقة مع الأطفال، ممكن يكون فيها إساءة أو عنف لفظي ونفسي وجسدي أحيانا. ومع الأسف، بعض الآباء بيتقبلوا ده لاعتقادهم إن ما عندهمش اختيار أو بسبب عدم الدراية بكم الضرر النفسي اللي الطفل بيتعرض له. هل إحنا هنقبل إننا نشتغل في مكان مثلا بنتهان فيه كل يوم، وكمان قدام الناس؟ هل المكان اللي أنا مش بتعامل فيه بإحترام هيطلع أحسن ما فيا؟ هل هنقدر نطلب من أطفالنا إنهم يتعاملوا مع كل الناس باحترام ويرفضوا الإهانة في سياق آخر؟

ثالثاً: نعمل إيه يساعد الطفل على حب الرياضة؟

مهم نسأل نفسنا إيه الأهم، تفوقهم الرياضي ولا صحتهم النفسية والجسدية؟  بعد كدة ممكن نساعدهم على حب الرياضة باعتبارها جزء من الحياة عن طريق:

اكتشاف طرق تانية للاستمتاع والإنجاز في الرياضة بجانب المكسب:

ممكن بعد التمرين نسألهم عن اللي عجبهم واللي ممكن يعملوه بشكل مختلف المرة الجاية. ممكن زي ما بنشجعهم لما بيلعبوا كويس أو يكسبوا، نشجعهم لما يساعدوا حد في الملعب، أو يعملوا حركة جديدة، أو يتصرفوا بروح رياضية أو ياخدوا قرار صعب. وزي ما بنحتفل بالنتايج، نحتفل بالمجهود، لما يعملوا كل اللي عليهم نشجعهم ونمدح المجهود والتطور حتى لو بسيط.

نبص على المدى الطويل ونبدأ بالتدريج:

في مرحلة حضانة، نركز على الإستمتاع، نحاول ما نشغلهمش بالنتايج والتفوق..نخليهم يتحركوا ويتعلموا ويفهموا، ومهم يكون في مساحة للعب الحر كجزء من التمرين.

من أولى ابتدائي لحد سن ٨-١٠ سنين، ممكن نخليهم يجربوا أكتر من رياضة، يختاروا حاجة بيحبوها أو نرشحلهم رياضات مختلفة. ممكن نتفق معاهم على الفترة اللي هنقضيها في اللعبة دي وبعد كده يقرروا حابين يكملوا ولا لأ.. والفترة دي نهتم بتمنية مهارات مهمة زي التركيز، والالتزام، والتعامل مع التحديات، والثقة بالنفس.

لما الطفل يكتشف اللعبة اللي بيحبها فعلا وينمي المهارات دي، الباقي بيكون أسهل بكتير، وممكن يبدأ يركز في الرياضة اللي حاببها وعايز يتفوق فيها.

ناخد بالنا من اختيار المدرب:

وبالأخص في السن الصغير، ونعترض لو شايفين حاجة مش مناسبة في طريقة التعامل مع الطفل. مهم أوي إن الطفل يشوف إن أهله مش هيقبلوا إن حد يهينه أو يضره نفسيا لأي سبب، وهيدافعوا عنه عشان يتعلم هو كمان مع الوقت يدافع عن نفسه لما يحتاج.  وعندي أمل إن لما عدد كبير يبدأ يرفض الأسلوب الغير لائق، ده يشجع إن مجال الرياضة يبدأ مع الوقت يطور من نفسه في الجزء النفسي والمعنوي اللي أهميته لا تقل عن الجزء التقني.

نسمعهم ونتكلم معاهم:

زي أي أمر ليه علاقة بولادنا، التواصل شي أساسي. من أصعب القرارات إننا نعرف إمتى نزق ولادنا لمرواح التمرين عشان هيحتاجوها أحيانا، وإمتى المفروض نستجيب لعدم رغبتهم في ممارسة رياضة معينة، دايما الإجابة هتفرق من طفل لطفل، في مثلا طفل بطبعه ملول أو لسه ما نماش مهارات الالتزام والمثابرة، وده هيحتاج مننا تشجيع وتدريب على المهارات دي خاصة لو عارفين إنه بيحب الرياضة اللي بيلعبها، وطفل تاني بطبعه (أو باللي اتعلمه مننا) بقى ملتزم وصبور، والضغط الزايد عليه ممكن يجيب نتيجة عكسية، وده هنحتاج ندور معاه على اللي مش مريحه ونساعده يلاقي حل بديل عشان يستمر في ممارسة رياضة هو حاببها.

لو ابنك جه قال لك  أنا عايز أبطل، نسمع ونحاول نفهم، ساعات بيبقى في أسباب حقيقية، زي إنه حد بيضايقه، أو مدرب بيؤذيه أو موقف حصل وما قدرش يحكيه، أو تكون مثلا البنت فعلا مش مستمتعة ومش حابة الرياضة وعندها فرصة أحسن في لعبة تانية.

ولو ما بيشتكيش، ناخد بالنا من علامات ال Burnout، أو الإرهاق الشديد والاستنزاف، لو الطفل/المراهق أعصابه مشدود بزيادة، خاصة وقت البطولات، لو في تغيير في أكله أو نومه، لو بيشتكي من أعراض مالهاش سبب عضوي زي المغص أو الصداع، أو إنه حزين أو دايما مش مبسوط، ممكن كل دي تكون أعراض إنه محتاج راحة، أو إن في حاجة محتاجة تتغير في نظام اللعب.

ما نهدش كل اللي بنيناه:

لو قررنا إنه هيبطل لأي سبب، ناخد بالنا من التوقيت ونراعي حاجات زي، هل مثلا محتاج يستنى فترة عشان ملتزم مع الفريق؟ (لو ما فيش ضرر واضح عليه) ونتفق معاهم على بديل بعد سؤالهم عن الرياضة البديلة اللي حابين يلعبوها، ولو الرياضة واخدة جزء كبير من وقتهم، نفكر معاهم هيشغلوا الوقت ده إزاي.

مي علوي

مي علوي، متخصصة معتمدة في التربية الإيجابية، ومؤسسة منظمة Raising Happy لخدمات التربية التي تهتم بنشر ثقافة التربية الإيجابية فى مصر.

قامت مي  بمساعدة مئات الآباء والأمهات في مشوار تربيتهم لأبنائهم وبناتهم كما قدمت العديد من الدورات التدريبية للمدرسين والأخصائيين الاجتماعيين .

وحصلت مي على شهادات ورخصة ممارسة في التربية الإيجابية من The Parent Practice & Positive Parenting من إنجلترا، كما تم اختيارها من منظمة يونيسف مصرUNICEF Egypt كإحدى خبيرات التربية في الحملة القومية للتوعية عن العنف ضد الأطفال والتربية الإيجابية .

 مي لديها خبرة ١٠ سنوات في مجال التنمية والتعليم، وتقوم الآن بتحضير ماجستير في علم النفس ويمكنكم معرفة المزيد عنها وعن منظمة Raising Happy من خلال صفحتها على الفيس بوك.