خلينا الأول نتفق إيه هي الثقة بالنفس.

إن البنت تكون واثقة من نفسها معناه إنه يكون عندها رضا داخلي عن النفس يغنيها عن احتياجها الدائم لإرضاء الناس، ويكون عندها وعي كافي بمميزاتها والمساحات اللي في شخصيتها اللي محتاجة تطورها وتشتغل عليها، وفوق ده كله تكون عارفة إنها تقدر تعمل أي حاجة هي عايزاها بمجهودها ومحاولتها للتغيير.

لو هتكلم كأم، نفسي بنتي تكون عندها استعداد تستكشف نفسها بجد ؛ هي بتحب إيه، وعايزة إيه، وتكون بتتقبل فكرة إنها ساعات هتبقى مش عارفة الإجابة، وساعات هتنجح وساعات هتفشل وتتعلم من التجربة، وماعندهاش مانع تقضي سنين من حياتها بتدور على اللي هي عايزاه وبتحبه وتقدر تحققه، بدل ما تعمل اللي غيرها متوقعه منها. نفسي تكون بتحب تخوض تجارب وسعيدة وفخورة بالطريقة اللي عايشة بيها حياتها، وعندهم سلام نفسي ورضا يخلوها تطلب المساعدة لما تحتاجها وتساعد اللي حواليها كل ماتقدر.

لما البنت (أو الولد) تقييمها الداخلي لنفسها بيكون مشوش وصورتها عن نفسها وحشة، بتبقى دايما بتدورعلى حاجة خارجية تديها الإحساس بالرضا عن النفس اللي هي مش عارفة تلاقيه جواها، مهما حققت ومهما نجحت، بتبقى برضو مستنية إعجاب الناس بيها، وده ساعات ممكن يخليها تعمل حاجات غير اللي هي نفسها تعملها أو تخاف تجرب حاجة جديدة لحسن تفشل أومتوافقش توقعات الناس منها. وممكن تعيش حياتها كلها من غير ما تتجرأ إنها تكتشف هي فعلا عايزة إيه أوتعرف هي شاطرة في إيه أو هي فعلا سعيدة ولا لأ، أو ممكن يحصل العكس، وعدم رضاها الدائم عن نفسها يخليها عايزة تجرب أي حاجة ممكن تلفت النظر، وتتأثر بأي كلام يتقال لها وتعمله لأنها واثقة في اللي حواليها أكتر ما هي واِثقة في نفسها.

طيب إزاي نربي بنات واثقة من نفسها في مجتمع بيشترط قواعد معينة لنجاحها ليها علاقة بشكلها ولبسها واختيارتها وتصرفاتها ومستقبلها؟ وإزاي نوازن بين إنها تخرج بره الضغوط دي بس نربيها في نفس الوقت على القيم المهمة بالنسبة لينا ونخليها عندها مقياسها الخاص للصح والغلط ونعلمها تقبل الاختلاف والثبات على القناعات؟

دي خطوات ممكن تساعدنا:

١. نعلمها إن الغلط شيء طبيعي

وإن كل البني آدمين بيغلطوا، وإن دورنا كأب وأم إننا نساعدها لما تغلط إنها تصلح غلطها، وتتعلم منه عشان ما تكررهوش، الطفل لو وصله فكرة إن الغلط شيء مرفوض، هيخاف يبتكر وهيفضل ماشي جنب الحيط وده ممكن يبقى جزء من شخصيتها بعد كده؛ شخصية مابتحبش تبادر أو تحاول أكتر من مرة حتى لو الطريق صعب.

٢. نتكلم معاها كتير عن مميزاتها

ويفضل إن المميزات دي تكون حاجة تقدر تغير فيها وتشتغل عليها، زي إنها مثابرة أو بتحب تساعد اللي حواليها، وما تكونش حاجة مش في إيدها زي إنها ذكية مثلا، ودايما نعلق على التصرفات الصغيرة اللي بتعملها كويس، عادة الأهل بيعلقوا على غلطات الأطفال أكتر بكتير ما بيعلقوا على التصرفات اللي بتعجبهم، وبنبقى فاكرين إن كده بنساعدهم يتصرفوا أحسن، بس الأبحاث والتطبيق أثبتوا إن ده مش حقيقي، وإن النقد الزايد والكلام السلبي اللي الطفلة بتسمعه عن نفسها بشكل متكرر بتصدقه حتى لو مش حقيقي، فلو الطفلة بيتقال لها كل يوم حاجة زي “انت ما فيش فايدة فيكي، عمرك ما هتبقي منظمة ” ده عمره ما هيساعدها إنها تبقى منظمة،  الأحسن إننا ندورعلى أي تصرف منها كويس نقوله ونوصفه، زي”أنا أخدت بالي إنك شيلتي اللعبة مكانها بعد ما خلصتي،أنا مبسوطة إنك بتحاولي تكوني منظمة الفترة دي”.

٣. نكلمها عن مجهودها، مش بس عن نتايجها

وبكدة نكون بنعلمها إنها في إيدها إنها تحاول أكتر عشان تجيب نتيجة أحسن، وإن المهم المجهود اللي هي بتحطه لأن النتايج مش دايما في إيدها، ولما النتايج تطلع كويسة، نفكرها إن تعبها جاب نتيجة.

٤. نعلمها تحب شكلها زي ما هو 

وده هيحصل لو ما إديناش اهتمام زايد في بيتنا بالشكل وربيناها على إن فيها حاجات كتير أهم من شكلها، مش صح إننا نربط كلامنا عن البنات بجمالهم أو شكلهم خاصة لو بنحط مقاييس معينة للجمال ده، وبلاش ننتقد (أو نمدح بزيادة) حاجة في شكل البنت أو جسمها. الأحسن إننا نفكرها قد إيه هي حلوة زي ما هي، وإننا بنحب تفاصيل شكلها وشخصيتها زي ما هي بالظبط، ونتكلم معاها على إزاي السينما والتليفزيون بيحطوا مقاييس مش واقعية لشكل البنت ولدورها في الحياة ومش مطلوبة منها.

٥. نشجعها تلعب رياضة

وندور معاها على رياضة لحد ما تلاقي حاجة بتحبها لأن الرياضة بتطور شخصيتها وبتديها إحساس بالإنجاز والسعي ورا الأهداف  وبالتالي ده بيعزز ثقتها بنفسها.

٦. نعلمها تساعد غيرها

الطفل بيتعلم إنه يقدر يعمل تغيير لما بيجرب بنفسه، خليها تشارك في أعمال خيرية أو تنموية، وساعدها تفكر في غيرها في أبسط الأمور، زي إن مثلا لما بتجيلنا لعبة جديدة بندي اللعبة القديمة لحد تاني ممكن يفرح بيها.

٧. ندور معاها على اهتماماتها اللي هي حباها مش اللي إحنا شايفين انها المفروض تحبها

ربنا خلقنا مختلفين، فمش كل البنات هتحب تلعب باليه، ومش كلهم هيحبوا الفساتين المنفوشة، ومن حقها لو بتهتم بالعربيات مثلا إنها تلعب بيهم. لو عايزين بنتنا لما تكبر تحقق اللي هي عايزاه، ما ينفعش نفضل نجيبلها عرايس ولعب المطبخ بس، إلا لو هي اللي عندها ميل للعب دي فبنشجعها تلعب باللي هي بتحبه برضو، المهم إن يكون عندها حرية الاختيار طالما هي حاجة مناسبة لسنها وملهاش تأثير سلبي.

٨. نعلمها تفكر في الأمور بشكل نقدي

نحاول دايما نتكلم معاها في اللي بتسمعه وبتشوفه، ونعودها تسأل وتحاول تفهم، يعني مثلاً لو اتعرضت لتعبيرات زي “دي حاجة البنات ما تقدرش عليها” أو”البنت لازم تتجوز قبل سن كذا” نسألها ايه رأيها في الكلام ده و نسألها “تفتكري إيه تاني ممكن البنت تعمله لما تكبر وإنت حابة إيه؟” ونعلمها إن في صور مختلفة للنجاح تعتمد على اختيارات وأولويات الشخص، وإن التفضيلات الشخصية مافيهاش صح وغلط مطلق، وممكن كمان نوريها أمثلة مختلفة لبنات ناجحة حققت اللي كانت بتحلم بيه سواء كان جواز وأمومة  أو أي هدف تاني.

٩. نوضحلها حدودها فين في تصرفاتها

وده عن طريق اتفاقات واضحة معاها، ومن خلال إننا نفهمها اللي بنطلبه منها بنطلبه ليه، ونعودها تتحمل نتيجة اختياراتها حتى لو كانت سيئة من غير ما نحاول ننقذها كل مرة، وده لأننا عايزينها تتعلم تاخد قرارات كويسة حتى لو احنا مش موجودين، لأن ده هيعلمها كمان تحط حدود للي حواليها في تعاملها معاهم ومتتقبلش إنهم يأذوها أو ييجوا عليها.

١٠. نحترمها ونحترم مشاعرها وما نتفهش منها

لما تيجي تحكي إنها زعلانة إن صاحبتها ما لعبتش معاها، ما نقلهاش “وإيه المشكلة” ، أو “اجمدي شوية”، الصح إننا نحسسها إننا فاهمين إحساسها، فممكن نقول حاجة زي “أنا عارفة إنك أكيد متضايقة، دي حاجة تزعل فعلا”، عشان تتعلم إن كل المشاعر مقبولة وتعرف تتعامل معاها في المستقبل.

١١. نعلمها تحل مشاكلها بنفسها

لو رجعنا لنفس المثال اللي فات، بعد ما نسمعها ونهديها، نسألها “تفتكري ممكن تعملي ايه؟” بدل ما نديها حلول على طول.

١٢. نعرفها إن حبنا ليها غير مشروط 

نعرفها إنه مهما عملت إحنا موجودين جنبها عشان نساعدها، ونطمنها (بأفعالنا) وإنها لما تغلط هتلاقي دايما حد تيجي تحكيله عشان يساعدها تصلح الغلط ده وتتعلم منه، بدل ما تخاف وتحاول تخبي، ونفكرها دايماً إننا بنحبها وهنفضل نحبها مهما عملت، عشان هي كمان تتعلم تحب نفسها مهما حصل وتعرف إنها تستاهل تتحب.

مي علوي

مي علوي، متخصصة معتمدة في التربية الإيجابية، ومؤسسة منظمة Raising Happy لخدمات التربية التي تهتم بنشر ثقافة التربية الإيجابية فى مصر.

قامت مي  بمساعدة مئات الآباء والأمهات في مشوار تربيتهم لأبنائهم وبناتهم كما قدمت العديد من الدورات التدريبية للمدرسين والأخصائيين الاجتماعيين .

وحصلت مي على شهادات ورخصة ممارسة في التربية الإيجابية من The Parent Practice & Positive Parenting من إنجلترا، كما تم اختيارها من منظمة يونيسف مصر UNICEF Egypt كإحدى خبيرات التربية في الحملة القومية للتوعية عن العنف ضد الأطفال والتربية الإيجابية .

 مي لديها خبرة ١٠ سنوات في مجال التنمية والتعليم، وتقوم الآن بتحضير ماجستير في علم النفس ويمكنكم معرفة المزيد عنها وعن منظمة Raising Happy من خلال صفحتها على الفيس بوك.