بسبب الضغط المجتمعي على أولياء الأمور، أولياء الأمور بيحسوا إن لو ولادهم مش متفوقين دراسياً ده معناه إنهم مقصرين أو إن ولادهم عندهم مشكلة. ولما بنقرب من فترة الإمتحانات، الأم والأب قلقهم بيزيد، وبيعكسوا القلق ده على الطفل، ساعات بأسلوب يساعده ويشجعه، وساعات بأسلوب بيهز ثقته بنفسه ويوتره، والنوع ده من الضغط ممكن يسيب أثر في شخصيته على المدى الطويل وطبعاً بيأثر على أدائه وتركيزه في المذاكرة والإمتحان.

في أبحاث بتثبت إن التركيز الزايد على الدرجات والمذاكرة لوقت طويل وزحمة الجدول بين مذاكرة وتمارين ودروس بيجيب نتايج عكسية على المدى الطويل، خاصة لما بيكون على حساب وقت اللعب الحر ووقت العيلة، وبداية حل المشكلة هي تحديد بعض الأخطاء اللي بنقع فيها من غير قصد كآباء وأمهات ومعرفة تأثيرها على الطفل.

إيه هي أخطائنا المتعلقة بالمذاكرة مع أولادنا وبتأثر إزاي عليهم؟

وضع توقعات مبالغ فيها واللوم المستمر على عدم تحقيق التوقعات دي، وده بيحسس الطفل إنه عنده مشكلة ومع الوقت ممكن يفقد الأمل في نفسه ويبطل يحاول، لإنه حاسس إنه كده كده مش هيوصل للتوقعات اللي مطلوبة منه، وصعب أوي إنه يرضينا.

التركيز على النتايج لوحدها، وده بيشتت الطفل ومابيخليهوش يركز في مجهوده، وبيدور على أي طرق قصيرة يوصل بيها للنتيجة حتى لو غلط، زي إنه ممكن يغش أو يخلي حد يعمل له الواجب، أو حتى يكدب علينا أو على صحابه عشان مكسوف من درجاته، وده بيعلم أولادنا إن في حياتهم النتايج أهم من أي حاجة تانية، حتى لو هنيجي على مبادئنا وقيمنا.

المقارنة المستمرة بالآخرين ووضع ضغط وقلق زيادة بالتخويف والتهديد، وده مع الوقت بيأثر على صحة الطفل وحالته النفسية، ومع الأسف معظم الأطفال مش هتعرف تعبر عن الشعور ده لأنهم مش فاهمينه، فممكن يبدأ يظهر في تصرفات زي رفض الذهاب للمدرسة أو كره المذاكرة، أو إنه يبدأ يأخد جنب، وده عادة بيكون في السن الصغير وساعات العكس بيحصل في السن الكبير، لو الطفلة مثلا بطبيعتها ملتزمة ومسئولة ممكن ماتنمش عشان تذاكر، أو تبطل نشاطات وهويات بتعملها عشان مش عايزة تأثر على نتايجها. وبنشوف أطفال نومهم وشهيتهم بتتأثر، بيشتكوا من بطنهم أو من أعراض تانية ملهاش سبب عضوي زي الصداع أو المناعة الضعيفة، كل دي ممكن تكون علامات إن الطفل محطوط تحت ظغط نفسي زائد فجسمه بيحاول يقوله ويقولنا إن ده كتير عليا، ومحتاجين تأخدوا الأمور بشكل أهدى وأبسط.

 التدخل الزايد في المذاكرة وتحويل الموضوع لمسئولية الأم أو الأب مش الطفل، وده ممكن يخلي الطفل مابيتعودش على تحمل مسئولية التزاماته،  وإن في حد دايما هيقوله يعمل إيه ويقعد على دماغه عشان يعمل اللي وراه، ولو الحد ده مش موجود ٬مش هيعرف يعمل حاجة لوحده. غير كده، في بحث إتنشر في The Journal of Child and Family Studies نتايجه بتقول إن الأطفال اللي أهلهم بيتحكموا ويتدخلوا في مذاكرتهم وأدائهم الدراسي أكثر عرضة للإكتئاب وأقل سعادة في حياتهم، ده غير إن ثقتهم بنفسهم وقدرتهم على تحمل المسئولية والاعتماد على النفس أقل من الأطفال اللي أهلهم ساعدوهم وعلموهم يعتمدوا على نفسهم وبيتدخلوا بقدر كافي للمساعدة  والتشجيع عند الحاجة.

طيب، إزاي نقدر نشجع أولادنا على المذاكرة بشكل إيجابي؟
  1. أفكر نفسي إيه الأهم بالنسبة لي ولولادي، كمان ١٠-١٥ سنة؟ عايزة أفتكر إن إبني أو بنتي كانوا متفوقين في المدرسة؟ ولا يكونوا سعداء في حياتهم، عندهم ثقة بنفسهم، عندهم قدرة على تقبل الفشل والأخطاء اللي كده كده هيعملوها في حياتهم ويتعلموا منها ويتخطوها، ولا خوفهم من أي فشل باعدهم عن الابتكار والتجارب الجديدة والمثابرة حتى بعد ما يمروا بظروف صعبة.
  2. من السن الصغير أحببهم في التعلم (مش بالضرورة المذاكرة) وأشجع فضولهم: أدور معاهم على حاجات بيحبوها، ونحاول نتعلم عنها مع بعض ونخلي فكرة المعرفة مرتبطة بتجارب إيجابية. ونشجعهم لما يسألوا أسئلة كويسة، وندور معاهم على الإجابة لو مش عارفين.
  3. تقبل فكرة إن مافيش حد متفوق في كل حاجة ولو متفوق في كل حاجة دراسية ممكن يكون مش متفوق في مهاراته الحياتية أو هواياته،  فمهم جداً إني أعرف إبني أو بنتي بيحبوا إيه وعندهم إستعداد يتميزوا في إيه، وأشجعهم على التركيز عليه وتقبل نتايج متواضعة في حاجة تانية طالما بيعملوا اللي عليهم وبيجتهدوا. ممكن بنتي مثلاً تكون مبتكرة، عندها مهارات إجتماعية مميزة، عندها مهارة في فن أو رياضة، وأنا مش باديها الفرصة إنها تكتشف الحاجات دي عشان وقتها ومجهودها وتركيزها كله موجه لمادة معينةهي مش عارفة تحقق فيها درجات نهائية.
  4. نركز على المجهود مش علي النتايج لوحدها، ونعلمهم هدفنا من النتايج العالية لأنه الرسالة اللي بتوصل للطفل بتكون إنك لازم تجيب درجات عالية عشان هو كده أو عشان تبقى شاطر زي فلان، أو عشان ماما وبابا يتبسطوا أو المدرسة بتاعتك تتبسط منك، فبنربط عنده فكرة النجاح بإرضاء الآخرين ومقارنة نفسه بيهم دايماً، في حين إننا ممكن نعلم الطفل إن المتعة والقيمة كلها بتكمن في المجهود اللي بيبذله لتعلم حاجة جديدة، وإنه يبقي فخور بمجهودة بغض النظر عن النتيجة ،مهم نشجعهم ونشكرهم لما يعملوا اللي عليهم، حتى لو النتيجة ماكنتش زي ما نتمنى، ونخليهم يفكروا إيه اللي ممكن يعملوه المرة الجاية عشان يحسنوا نتايجهم من غير ما نحطمهم نفسيا بلوم وانتقاد غير بناء.
  5. نتكلم عن الأخطاء اللي وقعنا فيها زي ما بنتكلم على نجاحاتنا. نتكلم عن المرات اللي فشلنا فيها، وإزاي ممكن نتخطى الفشل ونتعلم منه لإنه جزء طبيعي من الحياة. هدفنا إن الطفل لما تقابله مشكلة أو يحس إنه متعثر في حاجة ييجي يحكيلنا عشان نساعده، مش يخبي علينا عشان خايف يتعاقب أو حتى خايف على زعلنا. ونشجعهم على إنهم يجربوا ويغلطوا ويتعلموا من أخطائهم، ونأكدلهم إن التجربة في حد ذاتها حاجة إيجابية بعيدا عن النتيجة،
  6. نتخلى عن السعي للكمال في كل شىء، يعني لو الطفل بطبيعته بيحقق اللي مطلوب منه في الأساسيات ومتفوق في حاجة معينة، نركز إنه يجرب حاجات تانية حتى لو مش هيكون متميز أو متفوق فيها، ندعيه إنه يجرب من أجل التجربة وإنه يتقبل إنه يكون مش أشطر واحد في حاجة معينة عشان ما يكونش دايما متوقع الكمال وإنه مش هيرضى بحاجة لو ماكنتش كاملة.
  7. نعلمهم الروتين وتنظيم الوقت من سن صغير، يكون في وقت محدد ثابت ومش مبالغ فيه للمذاكرة بعديه يقدروا يعملوا اللي هم عايزينه. وكل ما السن يكبر يقل تدخلنا في تنظيم الوقت. ممكن نعلق نتيجة في أوضتهم يتكتب فيها اللي وراهم كل إسبوع و لما يبدأوا يكبروا يتابعوا من نفسهم اللي وراهم، وممكن نتابع معاهم كل فترة من غير زن . لو عايزين نفكر في حل لمشكلة أو عايزين نتكلم معاهم في حاجة أو نشجعهم، نخطط لنظام اليوم، ولو ماحصلش حاجة استثنائية محتاجة تدخل ضروري نأجل أي حاجة عايزين نقولها لتاني يوم في الوقت المخصص. الهدف إن ما يكونش الموضوع مسيطر على تفكيرنا وحواراتنا طول الوقت مع الأولاد ويتعلموا كمان إن كل حاجة ليها وقتها.

نعودهم إن المذاكرة مسئوليتهم هم، وإحنا موجودين للتوجيه والمساعدة مش التحكم، ولو هنكون بنساعد، محتاجين نخلي ده وقت مفيد وإيجابي، من غير زعيق أو أي رد فعل عنيف من ناحيتنا. ولو مش عارفين نعمل كده، نعترف إننا عندنا مشكلة في العصبية محتاجين نشتغل عليها، بدل ما نحسس الطفل إن هو اللي عنده المشكلة.

مي علوي

مي علوي، متخصصة معتمدة في التربية الإيجابية، ومؤسسة منظمة Raising Happy لخدمات التربية التي تهتم بنشر ثقافة التربية الإيجابية فى مصر.

قامت مي  بمساعدة مئات الآباء والأمهات في مشوار تربيتهم لأبنائهم وبناتهم كما قدمت العديد من الدورات التدريبية للمدرسين والأخصائيين الاجتماعيين .

وحصلت مي على شهادات ورخصة ممارسة في التربية الإيجابية من The Parent Practice & Positive Parenting من إنجلترا، كما تم اختيارها من منظمة يونيسف مصر UNICEF Egypt كإحدى خبيرات التربية في الحملة القومية للتوعية عن العنف ضد الأطفال والتربية الإيجابية .

 مي لديها خبرة ١٠ سنوات في مجال التنمية والتعليم، وتقوم الآن بتحضير ماجستير في علم النفس ويمكنكم معرفة المزيد عنها وعن منظمة Raising Happy من خلال صفحتها على الفيس بوك.